الحمد لله تعالى . توالت نعمه الجزيلة . وتجددت ألطافه الجليلة. والصلاة والسلام على النبي الرحمة . وعلى الآل والأصحاب أهل الثباث عند المحنة . وبعد
شرارات الذنوب نيران محرقة .. وبوائق مهلكة !
شرارها تحت الرماد كائن .. و نيرانها ان بدت أحرقت الأماكن !
فيا لغرور من غفل عن عواقبها الوخيمة .. ويا لضلال من جهل أضرارها الجسيمة !
لذتها العاجلة ألهت المذنبين عن التدبر .. وبريقها الكاذب خدع من لا يتفكر !
جسمك بالحميّة حصنته *** مخافة من ألم طاري
وكان أولى بك ان تحتمي ***من المعاصي خشية الباري
* أيها المذنب ! هل تفكرت في عواقب الذنوب ؟!
نعم .. ان للذنوب عواقب وخيمة .. فيما من ركبت للذنب هل تذكرت ذلك ووقفت قليلا مراجعا لنفسك
قال أبو سليمان الداراني: " من صفّى صفّي له ؛ ومن كدّر كدّر عليه ؛ ومن أحسن في ليله كوفئ في نهاره ؛ ومن أحسن في نهاره كوفء في ليله ".
* أيها المذنب ! لا تغرنّك السلامة
أيها المذنب لا يغرنك ما انت فيه من سلامة الجسم والمال والولد .. فان العقوبة قد تاتي بغتة .. وان الاثم لا ينسى .
قال أبو الدرداء رضي الله عنه :" اعبدوا الله كأنكم ترونه ؛ وعدوّوا انفسكم في الموتى ؛ واعلموا ان قليلا يغنيكم خير من كثير يلهيكم ؛ واعلموا أن البر لا يبلى وان الاثم لا ينسى "!
* أيها المذنب كم حريّ بك ان تخاف ذنبك
كم من مذنب تراه آمنا .. لاهيا.. غير مبال بذنوبه ؛ لا موعظة ترده .. ولا عقل الى الصواب يقوده ؛ ولو تدبر هذا في أمره لعلم انه في خسران عظيم ؛ وأي خسار أعظم من عاص لا يبالي بما أتى ؟ !
" فأما من طغى37 وآثر الحياة الدنيا 38 فان الجحيم هي المأوى 39 وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى 40 فان الجنة هى المأوى " النازعات : 37-41
سئل علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن حسن الظن ؟ فقال :" من حسن الظن ؛ ألا ترجو الا الله عزّ وجلّ ؛ ولاتخاف الا من ذنبك "
*أيها المذنب أما تذكرت بطش من عصيته ؟
عجبا لك أيها المذنب . لو تفكرت في بطش من عصيته ؛ لردك ذلك عن غيك .. ولعلمت أنك تعصي ذا البطش الشديد .. ومن لا يعذب عذابه أحد .
كان عمر بن عبد العزيز رحمه الله في سفر مع سليمان بن عبد الملك ؛ فأصابتهم السماء برعد وبرق وظلمة وريح شديدة ؛ حتى فزعوا لذلك ؛ وجعل عمر بن عبد العزيز يضحك . فقال له سليمان : ما ضحكك يا عمر ؟ ! أما ترى ما نحن فيه ؟! قال له يا أمير المؤمنين هذا آثار رحمته فيه شدائد كما ترى ؛ فكيف بآثار سخطه وعذابه ؟!
يتبع باذن الله ....