أصبحت مشكلة الاحتباس الحراري حديث الساعة بين الأوساط العلمية، بعد أن طُرحت بقوة على الساحة السياسية وأصبحت محل نقاش العديد من الدول الكبرى، لأن الجميع أدركوا مدي خطورتها على البشرية، لذا يعكف العلماء على البحث عن مخرج يخلص العالم من ويلات تلك الظاهرة الخطيرة التي تهدد مناخ كوكب الأرض، ومن ثم تنذر بانقراض أنواع كثيرة من الأحياء.
وحول الأخطار الحقيقية التي تتعرض لها الطيور نتيجة التغيرات المناخية، أكدت دراسة عالمية أن تغير المناخ يزيد إلى حد كبير حجم المخاطر التي تواجهها الطيور في أرجاء العالم المختلفة ويهدد بانقراضها.
وحذرت مؤسسة "القائمة الحمراء للطيور لعام 2008" من أن حالات الجفاف التي تتعرض لها بعض المناطق على المدى البعيد وظروف الطقس القاسية جدا تفرض المزيد من الضغط على المواطن الرئيسية للطيور في العالم.
وشملت القائمة التي أوردتها الدراسة التخمينية 1226 نوعاً من الطيور المهددة بالانقراض، وهذا ما يشكل ثمن عدد الطيور الموجودة في الطبيعة، والقائمة المذكورة، التي تتم مراجعتها كل أربعة أعوام، هي من إعداد مؤسسة "بيردلايف إنترناشيونال" الخيرية المعنية بالانخفاض على حياة الطيور.
ولهذه الكائنات أثر كارثي على بيئة الطيور، فمثلا تقوم حيوانات الماعز والحمير بتغيير التركيبة التي تنظم علاقة طائر الفلوريانا المحاكي مع بيئتها.
وأشار الدكتور ستيوارت بوتشارت منسق قسم المؤشرات والبحوث في مؤسسة "بيردلايف إنترناشيونال"، إلى أنه من الصعب جداً أن نعزو بدقة بعض التبدلات الخاصة لدى طيور بعينها إلى تبدل المناخ، إلا أن هناك مجموعة كاملة من أنواع الطيور تصبح بوضوح مهددة نتيجة ظروف الطقس القاسية جداً والجفاف، ففي "القائمة الحمراء" التي تمت مراجعتها مؤخراً، نرى أنه قد أُضيفت إليها ثمانية أنواع من الطيور تحت باب "مهددة بشكل قاتل وخطير".
وأصبح طائر باروت بيل "الببغاء" في جزر الهاواي هو الآخر مهدد بالانقراض، وكان من بين هذه الأنواع الثمانية طائر "الفلوريانا" أو الطائر المحاكي الغريد المتميز بقدرته البارعة على محاكاة أصوات الطيور الأخرى، والذي أصبح تواجده محدوداً في جزيرتين صغيرتين في جزر جالاباجوس، وقد انخفض عدد تلك الطيور من 150 طيراً بالحد الأعلى في أواسط ستينيات القرن الماضي، وتقلص العدد إلى أقل من 60 طيراً الآن.
من جهة أخرى، أعلن باحثون أن طائر البطريق الملكي الذي يتغذى على الأسماك والحبار في الأطراف الشمالية للقارة القطبية الجنوبية عرضة للخطر بسبب ظاهرة ارتفاع حرارة الأرض التي تسبب خفض أعداد الكائنات التي يتغذى عليها.
ويحتل البطريق الملكي وهو ثاني أ?بر نوع بعد البطريق الإمبراطوري أعلى مراتب السلسلة الغذائية في بيئة القارة القطبية الجنوبية، وهو يتغذى على الأسماك الصغيرة والحبار بدلا من القشريات الصغيرة التي تفضلها الثدييات البحرية.
وأوضح علماء في بحث نشر في دورية "بروسيدينجز اوف ذا ناشونال أ?اديمي أوف ساينس" أن هذا يجعل من البطريق الملكي مؤشرا جيدا على التغيرات في النظام البيئي.
ودرس علماء في معهد أوبير ?وريان في ستراسبورج بفرنسا طيور البطريق الملكي على جزيرة بوزيشن في جنوب المحيط الهادئ على مدى تسع سنوات، ووجدوا أن ارتفاع حرارة سطح البحر في المنطقة التي يمضي فيها البطريق المل?ي فترة الشتاء أدى إلى خفض أعداد الكائنات البحرية المتاحة التي يتغذى عليها، مما يؤدي بالتالي إلى تراجع معدل بقاء الطيور من البطريق الملكي على قيد الحياة.
أخطار حقيقية
وفي كارثة جديدة من كوارث الاحتباس الحراري، التي تخطت حواجز المياه وداهمت ما بها من مخلوقات، أكد باحثون استراليون أن التغير المناخي يضعف حاسة السمع لدى الأسماك بما يجعل من الصعب عليها العثور على مأوى لها.
وتعني زيادة نسبة الكربون في الجو انخفاض نسبة الكالسيوم في المياه ومن ثم تضعف حاسة السمع عند الأسماك التي تعتمد على السمع بقدر اعتمادها على البصر للبحث عن مأوى لها.
وتقول مونيكا جاجليانو ومارشيال دبزينسكي من جامعة جيمس كوك: "إن الأسماك الاستوائية في منطقة جريت بارير ريف التي تقع قبالة الساحل الشرقي لأستراليا تنمو بآذان غير متماثلة، وأن زيادة نسبة الحموضة تقلل من مادة كربونات الكالسيوم التي تحتاجها الأسماك كي تنمو لها عظام صحية ومنها عظام الأذن، وتجعل مستويات الأحماض المرتفعة من الصعب على الأسماك أن تمتص مادة الكالسيوم".
وقال دبزينسكي لإذاعة "إيه.بي.سي" : "إذا تعرضت حاسة السمع لدي الأسماك للخطر بسبب أنها غير متناسقة .. فإن ذلك سيؤثر على قدرتها على العودة إلى الشعاب المرجانية ومن ثم تضل طريقها في المحيط الواسع".
من جهة أخرى، أكد أحدث تقرير لوزراء البيئة لمجموعة الثمانية أن الاحتباس الحراري أصبح يقضي يومياً علي حياة 150 نوعاً من الحيوانات والنباتات مما يهدد باختفاء قاعدة التنوع البيولوجي بسرعة هائلة وهو ما يعد تهديداً خطيراً للبيئة.
وأوضح التقرير أن التأثيرات الأخري للاحتباس الحراري تؤدي إلي نقص المياه والغذاء وانتشار الفيضانات وبعض الأمراض كالملاريا