الحَمَام يكثر في معظم المدن الكبرى ويبني أعشاشه من القش والأغصان الرقيقة الهشة. ويتناوب كُلٌّ من الذكر (إلى اليمين) والأنثى (إلى اليسار) في رعاية الصغار.
الحَمَام أيّ طائر من عائلة الحمام واليمام. ويُطلق اسم الحَمَام على الأنواع الكبيرة من هذه العائلة، بينما يُطلَق اسم يَمَام على الصغيرة منها. وسيطلق ـ في هذه المقالة ـ اسم الحَمَام على النوعين معًا.
ويُوجد مايقرب من 300 نوع من الحَمَام. وتعيش هذه الطيور في شتَّى أنحاء المعمورة، فيما عدا المناطق شديدة البرودة، بينما معظم الأنواع تعيش في الأجواء الاستوائية. وعلى سبيل المثال، فإن 24 نوعًا من الحَمَام تستوطن المكسيك. ولا يعيش في البيئات الطبيعية الكندية إلاَّ ثلاثة أنواع فقط. وتُشاهد أعداد ضخمة من الحمام البَرِّي (غير الأليف) في مدن أوروبا، وأمريكا، وآسيا، وقد انحدرت كلها من حَمَام الصخور المُسْتأنس.
جسم الحمَامة
للحَمَام جسم أسطواني ممتلئ، ورأس صغير، وأرجل قصيرة صلبة. والحَمَام طائر سريع وقوي، وعضلات صدره قويَّة تساعده على الطيران، ورِيشه أكثر صلابة ونعومة من ريش معظم الطيور الأخرى. وقد يُسَهِّل مَلْمَس ريش الحمام مرور الهواء حول جسم الطائر أثناء الطيران. ولبعض أنواع الحمام أشكال خاصة من الريش، قد تساعده على الطيران بسرعة أقل من السرعة المعتادة. وتملك أنواع أخرى ريشًا، يُحدث أصواتًا معيَّنة أثناء الطيران. ويتفاهم الحَمَام فيما بينهُ عن طريق هذه الأصوات.
ويتفاوت طول جسم معظم أنواع الحَمَام ما بين 25 و38سم. وألوان الريش في معظم الأنواع غير لامعة، وقد تكون سوداء، أو زرقاء، أو بُنِّية أو رمادية. وتتشابه الذكور والإناث كثيرًا في معظم الأنواع، إلا أن الذكور تكون أكبر قليلاً، ولونها أكثر لمعانًا. وتُعَدَّ بعض أنواع الحَمَام من أكثر أنواع الطيور في العالم جمالاً، ومنها حمام الفاكهة الآسيوي و الحَمَام الحزين الفلبيني. وتحمل هذه الطيور علامات لامعة على مقدمة الجسم. وقد تستخدمها في جذب الجنس الآخر، أو لتهدد الغرباء من النوع نفسه عند اقترابها من العش أو من حِماها.
ويشرب الحَمَام بطريقة مخالفة لطريقة شرب بقية الطيور الأخرى، فهو لا يرفع رأسه لأعلى مع كل رشفة ـ كما تفعل معظم الطيور ـ بل يدفع الحَمَام بمنقاره في الماء، ثم يرتشف الماء خلال المنقار، كما لو كان يستخدم ماصَّةً.
حياة الحَمَامة
الحمام مروحي الذيل له قيمة خاصة، لجمال ذيله الذي يُشْبه المروحة، ويتجول بخيلاء نافخًا صدره أمامه. ويُربى خصيصًا للاستعراض.
تبني معظم أنواع الحَمَام أعشاشها على الشجر، إلا أن هناك نوعًا واحدًا هو يمام الصخر يبني أعشاشه على المنحدرات الصخرية، أو على نتوءات وأعتاب المباني. وتبني أنواع أخرى تُعرف باسم اليمام الأرضي أعشاشها على الأرض.
ويبدأ الحَمَام في البحث عن طعامه وشرابه في الصباح الباكر. وغالبًا ما يستريح خلال فترة الظهيرة، ثم يستأنف بحثه عن مزيد من الطعام والشراب. وتعود الطيور إلى أعشاشها قبل حلول الظلام.
وتعيش معظم الأنواع في المنطقة نفسها طوال العام، إلا أن كثيرًا من الأنواع التي تعيش في المناطق الباردة تهاجر في أسراب كبيرة في فصلي الخريف والربيع. وكثيراً ما يقتنصها الصيادون أثناء هجراتها.
الغذاء. يأكل الحَمَام الفواكه، والحبوب، والمكسرات، كما يتغذى أحيانًا بالحشرات، والقواقع، والديدان. وتحصل بعض الأنواع على طعامها بالتقاطه من الأرض. وثمة أنواع لاتهبط على الأرض، ولذلك فهي تتغذى وهي فوق الشجر.
أسراب الحَمام. تعيش مُعْظم الأنواع في أسراب، يتكون كثير منها من أكثر من نوع واحد. ويزيد العدد الكبير من هذه الطيور في السرب الواحد من فرصتها في الحصول على الغذاء.
كما أن الأسراب توفِّر الحماية لأفرادها، فتمنعها من الحيوانات الأخرى المعادية لها كالقطط، والصقور. وتضم بعض أسراب الحَمَام أنواعًا أخرى من الطيور مثل الغربان. والشحارير، ويُحَسِّن وجود مثل هذه الطيور من فرص تحديد أماكن الغذاء ومن الإنذار بوجود خطر ما.
حياة الحَمَام. يعتقد كثير من العلماء أن ذكر الحمام يلازم أنثى واحدة ويقترن بها مدى الحياة، بينما معظم أنواع الطيور الأخرى يتكاثر فيها كل من الذكر والأنثى مع أزواج مختلفة. ويغازل الذكر الأنثى بمداعبتها بمنقاره وهي ترنو إليه. ويتبادلان تنظيف الريش، كما يُطْعِم الذكر أنثاه بعض الحبوب. ويستمر الغزل بضعة أيام، ثم يحدث التزاوج.
ويبني الحمام أعشاشًا هشَّة من الأغصان والعُشب. وتضع الأنثى ـ في العادة ـ بيضتين غير مُلَوَّنتين. ويتبادل الأبوان حضانة البيض الذي يفقس بعد مايقرب من 17يومًا. وتخرج الأفراخ من البيض عمياء وبدون ريش تقريبًا. وتنمو بسرعة لدرجة أنها تستطيع الطيران بعد أربعة أو خمسة أسابيع.
ويشترك الأبوان في تغذية صغار الحمام التي خرجت من البيض حديثا بسائل أبيض يُعْرَف باسم لبن الحَمَام. وينتج اللبن في الحوصلة وهي كيس يقع في أسفل الرقبة. وتُطْعم ذكور الحمام أفراخها بضخ اللبن في حلوقها. ويبدأ الصغير في تناول الطعام الصلب بعد مايقرب من عشرة أيام من خروجه من البيضة. ويعَمَّر معظم الحَمَام ـ الذي ينجو من الهلاك في الأشهر القليلة الأولى من حياته ـ حتى يبلغ من العمر ثلاث أو خمس سنوات. وتُعَمَّر الأنواع الكبيرة الحجم أكثر من الأنواع الصغيرة.
أنواع الحمام
هناك مجموعتان رئيسيتان من الحَمَام هما: البري والأليف، ويقوم الناس بتربية الحمام الأليف.
اليمام المُطَوَّق له ياقة سوداء محفوفة بالريش الأبيض على ظهر الرقبة. وقد انتشر هذا النوع في أوروبا اعتمادًا على توافر المحاصيل للغذاء والمباني التي يتخذها مأوى.
الحمام البري. بالرغم من وجود مايقرب من 300 نوع من الحمام البري، إلاَّ أن الأنواع المعروفة منها قليلة، ومن أهم الأنواع البرية المعروفة حمام الغابة، واليمام المطوَّق، ويمام الصخر واليمام الحزين.
حمام الغابة طائر وسيم قوي البنية ومن أكثر الآفات الزراعية شيوعًا في العديد من مناطق أوروبا، ويُمكن تمييز الحمام المكتمل النمو من حَمَام الغابة عن غيره من الحَمَام، بوجود نمش أبيض على جانبي الرقبة. كما يتميز حمام الغابة بوجود بعض ريشات بيضاء في جناحيه.
وقد عُرف اليمام المُطوَّق ـ وموطنه الأصلي الشرق الأقصى ـ في أوروبا بانتشاره الواسع في القرن العشرين. ويكون لون هذا الطائر الوسيم رمادياً على الظهر، وباهتًا على البطن، وقُرْمُزيا عند الصدر. ويحد اللون الأبيض الياقة السوداء الضيقة الموجودة على ظهر الرقبة.
الحمامة نازفة القلب (تسمى أيضًا الحزينة) أطلق عليها هذا الاسم بسبب وجود بقعة حمراء على صدرها
ويبني يمام الصخر أعشاشه على المنحدرات الصخرية في إفريقيا، وآسيا، وأوروبا. ولونه أزرق داكن، وعلى كل جناح شريطان أسودان، والمؤخرة بيضاء، مع وجود ريشات سوداء على الذيل. ولون ريش الرقبة أخضر لامع وبنفسجي.
ويُعَدَّ اليمام الحزين صغير الحجم أكثر أنواع الحمام البري شيوعًا في أمريكا الشمالية، ويُصدر هديلاً حزينًا يجعله معروفًا على أنه طائر صيد وطائرَ صدَّاح. وهناك نوع أمريكي آخر يستهدفه الصيادون هو حمام المسافر الذي انقرض منذ بداية القرن العشرين، بسبب قتل الصيادين لأعداد كبيرة منه.
الحمام المتوَّج أكبر أنواع الحَمَام ويتم صيده من أجل ريشَهُ.
ويعيش في غينيا الجديدة نوع من الحمام، يُسمَّى الحمام المتوَّج وهو أكبر أنواع الحمام على الإطلاق، ويُعَد من أكثر الأنواع جمالاً. وتحمل هذه الطيور ألوانًا مختلفة، وخصلات من الريش الناعم التي تكوِّن عُرفَا على رأس الطائر.
ويوجدحمام الفاكهة ذو الألوان الزاهية في آسيا، وفي جزر جنوب المحيط الهادئ. ويبني أعشاشًا ضعيفة، لدرجة أن الأنثى لا بد لها من أن تُمسك بيضها، وتمسك بالعش نفسه في مكانه، إذا ما هبَّت أي رياح، حتى وإن كانت رياحًا خفيفة. أما الحمامة الحزينة (نازفة القلب) التي تعيش في الفلبين فلون بطنها أبيض، فيما عدا بقعة حمراء قانية اللون توجد على صدرها.
الحمام الأليف. يعتقد العلماء أن معظم سلالات الحمام الأليف قد انحدرت من يمام الصخر البرِّي. ويختلف كثير من هذه الطيور اختلافاً كبيراً عن أسلافه من الحمام البري. وإذا ما أصبحت حمامة أليفة برية فتكون سلالتها ـ بعد عدة أجيال ـ برية مثلها. وعلى سبيل المثال فإن حَمَام المدن ـ الذي ينحدر من سلالات أليفة مختلفة يشبه يمام الصخر البري.
ويبدو أن الناس قد بدأوا تربية الحمام منذ آلاف السنين. وقد نجح المربُّون ـ عبر القرون ـ في تنمية أنواع كثيرة من الحَمَام لأغراض مختلفة. وقد رُبِّي الحمام للغذاء، وحَمْل الرسائل، والتَّسابُق، والتَّرفِيه، و الاستِعْرَاض.
حَمَام الزاجل يُستخدم أحيانًا في مباريات السباق، وفي حمل الرسائل. ويشتهر هذا الطائر بكونه قادرًا على شق طريقه إلى موطنه مهما بعدت المسافة
ويستخدم الناس حمام الزاجل في حمل الرسائل، وفي السباق. ولهذا النوع قدرة ملحوظة على أن يعود إلى أبراجه التي تَرَبَّى فيها مهما بعدت المسافات بينه وبينها. ويُستخدم الحَمَام الهادي في حمل الرسائل. وتتميَّز هذه الطيور الكبيرة والسريعة بوجود ثنيات جلدية حول المنقار والعينين.
وتُعرض في استعراضات الحمام الأنواع المربَّاة خِصِّيصًا لهذا الغرض مثل الحَمَام المرْوَحيّ الذيل والحَمَام الهزاز والحَمَام اليعقوبي.
ونجد من الأنواع الأليفة الحمامة الراقصة والحمامة المتدحرجة وكلا النوعين يقوم بألعاب بهلوانية.
الحَمَام والإنسان. يصطاد الناس الحَمَام للغذاء أو للرياضة. ويستخدمونه في البحوث العلمية. وعلى سبيل المثال، يدرس العلماء حمام الغابة بغرض الوصول إلى فهم أحسن لسلوك الطائر. وتتأقلم هذه الطيور جيِّدًا مع حبسها في الأقفاص. كما يدرس العلماء الحَمَام الزاجل، لمعرفة كيفية تحديده للطريق عندما يطير لمسافات طويلة.
وتتغذى أنواع من الحمام ـ بما فيها حمام الغابة، والحمام المطوًَّق ـ بكميات كبيرة من المحاصيل الزراعية، بينما تتغذى أنواع أخرى ببذور مختلف الأعشاب الضارة بالمحاصيل.
ويوجد في كثير من المدن والمراكز الكبيرة ميدان فسيح واسع، أو ساحة تتجمع فيها أسراب الحمام بأعداد كبيرة أثناء النهار. ويستمتع بعض الزوار والأطفال بإطعامها. وقد يسبب الحَمَام الذي يعيش في المدن إزعاجًا كبيراً للسكان. فمخلفات وفضلات الأعداد الكبيرة من الحمام تُكَلِّفَهُم مبالغ باهظة لتنظيف الشوارع، والميادين منها، كما أنها قد تساعد على تآكُل الأحجار والرخام. وهذه المخلفات قد تسد مجاري الصرف في المباني. وبالإضافة لذلك، فمن الممكن أن تنشر هذه الطيور أمراضًا مثل: الهِسْتُوبلازْمين والببغائية، والتي يُمكن أن تنتقل إلى الإنسان. انظر: